أما آن الأوان للخروج من عنق الزجاجة..؟

admin عدد المساهمات : 370 تاريخ التسجيل : 16/11/2009

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[b]تركي الحمد

أما آن الأوان للخروج من عنق الزجاجة؟..

في عام 1979، كانت هنالك أحداث كثيرة أثرت على المنطقة سياسياً واجتماعياً، بل زلزلتها بالأصح، لعل أبرزها الغزو السوفيتي لأفغانستان، والثورة الإيرانية، واقتحام جهيمان وجماعته المسلحة للحرم المكي الشريف. هذه المتغيرات كانت بداية ما أصبح يُعرف باسم "الصحوة الدينية" في المنطقة، أو لنقل بداية اكتساحها لمجتمعات المسلمين بصفة عامة، فبداياتها تعود إلى أبعد من ذلك، بدءاً بأدلجة الإسلام عام 1928 على يد حركة الأخوان المسلمين، ومروراً بانبثاق القطبية والحركات الإسلاموية المنبثقة من عباءتها في الستينات والسبعينات، وسقوط المشروع القومي في أعقاب هزيمة يونيو/حزيران، ولكنها لم تتسيد الساحة الإسلامية إلا بعد تضافر هذه الأحداث الثلاثة. تضافر هذه الأحداث أدى إلى تحول جذري شامل في السياسة والمجتمع في كل المنطقة العربية عامة، والسعودية خاصة. فالثورة الإيرانية أدت إلى تأجيج الصراع السعودي الإيراني، حيث أن الدولتين تعتمدان الدين أساساً لشرعيتهما، وبالتالي حاولت كل دولة تشجيع ودعم الخطاب السياسي الديني الموالي لها سواء في الداخل أو الخارج: السعودية عن طريق دعم المؤسسات الدعوية السلفية في الخارج، ودعم الإسلامويين وخطابهم في الداخل، وإيران عن طريق مبدأ تصدير الثورة. صحيح أن الخطاب السياسي للدولة السعودية كان إسلامياً على الدوام، منذ أيام الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله، بل وخلال الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، ووصل إلى أوجه أيام الملك فيصل رحمه الله، في دعوته للتضامن الإسلامي في مقابل الدعوة إلى القومية العربية التي أشعل أوارها الرئيس جمال عبدالناصر رحمه الله، إلا أن الخطاب السياسي الديني الداعم لشرعية الحكم في السعودية لم يكن متطرفاً، وخاصة بعد انتهاء مرحلة التأسيس وبناء الدولة، أو بتعبير أدق لم يكن توتاليتارياً (شمولياً)، وخاصة من الناحية الاجتماعية، إذ بقي الفضاء الاجتماعي السعودي ذي هامش كبير من حرية الحركة، ولكن مع اندلاع الثورة الإيرانية، وجدت السعودية نفسها في صراع سياسي وإيديولوجي مع دولة ترفع ذات الراية الدينية، وتحاول احتكار الشرعية الدينية، وإن كان من منظور مذهبي مختلف، وسحب بساط الشرعية من تحت غيرها، وتحديداً السعودية، وهكذا وجدت المملكة نفسها في مواجهة خصم لم تختر أن تواجهه، ولكنها تقلبات السياسية ومتغيرات التاريخ، بل لنقل تغير أوراق اللعبة السياسية.

أما الغزو السوفيتي لأفغانستان فقد أدى إلى ظهور المقاومة الأفغانية التي رفعت شعار الجهاد الإسلامي، وهو الأمر الذي جيش الكثير من الشباب خارج أفغانستان، وأدى إلى نشر الخطاب الإسلاموي بشكل أكبر اجتماعياً، وبالتالي إرغام حكومات دول المسلمين على دعمه وبكل الطرق، فلم يكن هنالك خيار سياسي في تلك الفترة غير ذلك. بل وكانت المقاومة في أفغانستان مدعومة من قبل الولايات المتحدة مستخدمة كورقة سياسية في حربها الباردة مع الإتحاد السوفيتي، لم تلبث هذه الورقة أن انقلبت عليها بعد الانتهاء من استخدامها. كانت المقاومة الأفغانية، بأيديولوجيتها الإسلاموية، قد أثارت نوعاً من النستولوجيا (الحنين الرومانسي إلى الماضي) بين كل المسلمين، حتى أن البعض شبهها بحروب صدر الإسلام، مما أدى إلى نوع من نشوة عاطفية أسهمت في انتشار "الصحوة"، أو الخطاب الإسلاموي، وخاصة في دول تقوم شرعيتها على خطاب ديني مثل السعودية. ولكن أهم عامل في التغيرات الداخلية في السعودية في فترة ما بعد عام 1979، كان الاقتحام المسلح لجهيمان للحرم المكي الشريف.

فقبل حركة جهيمان لم يكن المجتمع السعودي منغلقاً، أو متعصباً، رغم أن الخطاب السياسي السائد كان قائماً على الدين، الذي كان خطاباً موجهاً إلى الخارج في المقام الأول، بل كانت أوجه التسامح سائدة فيه أكثر من أوجه التعصب والموقف العدائي من الآخر المختلف، وهذه أمور أعرفها جيداً حيث عايشت المجتمع السعودي في تحولاته قبل وبعد حركة جهيمان المسلحة. كان المجتمع السعودي آنذاك مجتمعاً مسلماً لا شك في ذلك، مثله مثل أي مجتمع مسلم آخر، يُمارس أفراده أركان الإسلام، ويمارسون حياتهم وفق تعاليمه، ولكنه لم يكن مجتمعاً إسلاموياً توتاليتاريتياً، يُحمل الدين فيه أموراً ما أنزل الله بها من سلطان، أو يسيس ويؤدلج وفق هذه المصلحة أو تلك، أو هذا التفسير أو ذاك، وفرق بين الإسلام والإسلاموية، فالإسلام دين واضح المعالم، بينما الإسلاموية أدلجة لهذا الدين لأغراض سياسية تختلف من هذا الفريق الإسلاموي إلى ذاك. المهم، بعد القضاء على حركة جهيمان المسلحة، ومع وجود العاملين الأخرين، أي الغزو السوفيتي لأفغانستان وأثره في "الصحوة الإسلامية"، والثورة الإيرانية وتغلغل مبادئها لدى فئات من شيعة السعودية، كما هو الحال مع فئات من الشيعة في العالم الإسلامي، مما يعني تواجداً لإيران من خلال هؤلاء في السعودية وغيرها، تغيرت السياسة السعودية تغيراً كبيراً، بحيث أصبح خطاب "الصحوة" السلفي، على اختلاف توجهاته، هو الخطاب المهيمن، وفتحت الأبواب على مصراعيها لرموز الصحوة "لأسلمة" المجتمع، ومن خلال مختلف الأجهزة والمؤسسات، ووفق مباديء ليست بعيدة كثيراً عن مباديء جهيمان وجماعته، فجهيمان ذاته هو نتاج المدرسة السلفية فكرياً، ومباديء حزب التحرير حركياً، أي العنف طريقاً للتغيير، في مزيج لا بد أن يكون متفجراً، بحيث يمكن القول أن جهيمان قُضي عليه حركياً، ولكنه انتصر فكرياً وثقافياً، وأصبح الخطاب الديني المتعصب هو السيد في المملكة، وغاب ذلك المجتمع المرن في علاقاته، سواء مع المختلف المحلي أو الأجنبي، والذي كان سائداً قبل 1979. فمثلاً، لم يكن المجتمع السعودي قبل ذلك التاريخ حاداً في تعامله مع قضية المرأة والاختلاط أو الفصل بين الجنسين، كما كان متقبلاً لحرية الآخر الدينية طالما أنها لا تمس قناعاته وسلوكياته، ولم يكن هنالك تلك الحدة في التعامل مع المختلف دينياً، والتي سادت خلال سنوات "الصحوة"، أو ما يمكن أن يُسمى مرحلة الهيمنة الفكرية للخطاب الديني الشمولي.

ربما كانت الظروف هي التي أدت إلى اتخاذ سياسات معينة في تلك الظروف، فمتخذ القرار ليس حر الإرادة تماماً، بل هو أسير هذا الظرف أو ذاك، هذا المتغير أو ذاك، وظروف كثيرة قد تُملي عليه أحياناً أن يتخذ قرارات هو ذاته غير مقتنع بها، ولكن الظروف تتغير، والأحوال تتبدل. ثلاثة عقود مرت على السعودية وعالم المسلمين كانت فيها مختطفة فكرياً وإجتماعياً من قبل خطاب شمولي مؤدلج أطلق عليه اسم خطاب "الصحوة"، والأجدر أن يُسمى خطاب "الخدرة" (من الخدر)، وهي اليوم تحاول أن تعود إلى طبيعتها التي كانت عليها، وتمد عنقها إلى مستقبل صحوة حقيقية، وخاصة بعد كشف المستور من خلال أحداث سبتمبر 2001، وتلك " الغزوات " التي قامت بها الجماعات الإسلاموية المتطرفة في الداخل السعودي، حيث تبين أن الايديولوجيات الشمولية والفكر المتطرف لا بد أن تقود إلى العنف في النهاية، أو تمهد الطريق لذلك، وخاصة إذا كان فكراً دينياً مؤدلجاً يعد من يُمارس ذلك العنف بالحور العين والنعيم المقيم في جنة لا موت فيها. ثلاثون عاماً من الزمان غُسلت فيها أدمغة الشباب وسُممت عقولهم، بحيث نشأ جيل جديد لا يعرف شيئاً عن تسامح ابائه واتفتاح أجداده، ولعل السعودية تحتاج إلى وقت طويل حتى تستطيع محو "أثار العدوان" على الأدمغة والعقول، ولكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة كما يقولون، والسعودية تخطو اليوم هذه الخطوة، ولم يعد الخروج من عنق الزجاجة بعيداً.[/b]

زائر

حقا ..... لقد آن الاوان
ولكن هل تعتقد ياخي ان سنين من الجهل
والاطباق على عقولنا وافكرنا .... ستسرع من خطوات الخروج من عنق الزجاجه
اننا جادون في الخروج
ولكن اين هي المقومات
والمهبطات اكثر من المحفزات
والله لقد حوربنا على كل الجهات
ونعتنا باقبح الصفات
رغم اننا كل ما نطالب به
التحرر من قيود الجهل
والانطلاق نحو الحريه

شكر لك ادمن على الموضوع
تقبل ردي بود
منى

عدد المساهمات : 1569 تاريخ التسجيل : 27/11/2009

مقالة في الصميم لتركي الحمد

نحن بحاجة للخروج من عنق الزجاجة

د. تركي مُرهق الصّحوة و مُقض مضجعها. لله دره،!

أعدُ د. تركي بانتهاجِ المنهجِ التّنويري الحُر للخروجِ من عُنقِ الزّجاجة، و قَد فَعلت !

شكرا Admin على هذا النقل الرائع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

القلم الناقد
27.11.2009

admin عدد المساهمات : 370 تاريخ التسجيل : 16/11/2009

هلابك ... الناقد

د.الحمد سرد لنا تسلسل تاريخي يوضح كيف دخلنا لهذه الزجاجه التي لاتتسع الا لرائ واحد يقوم بأقصاء وتكفير من يختلف معه

نتمنى ان لا يطول هذا العبور من العنق الضيق

تحياتي الصادقه لك