[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]...........
نسير في هذه الحياة ولا ندري إلى أين المصير، تتقاذفنا أمواج المحيط جيئة وذهاباً ولا من مجير، نضحك أحياناً ونبكي أحايين، نفرح ونحزن، ثم نمضي، إلى أين لست أدري!!.
هذه حال غالبيتنا الساحقة عندما لا تعرف من أين أتت وإلى أين تعود،
«ومن عرف ذلك فقد وجد ضالَّته،ومن وجد ضالته فقد وجد راحته، ومن وجد راحته يدعى الحكيم القوي المتين، فهذا هو القول الفصل،وما هو بالهزل».
هل فكَّر أحدنا بالفرق بين السعادة والحب والفرح والغبطة والضحك؟
هل السعادة خاضعة لتلبية حاجاتنا ومطالبنا الشَّخصيَّة؟
هل الحب هو انفتاح القلب لتحقق شرط ما؟
هل الفرح هو ما تصوره لنا وسائل الإعلام عندما نعثر على شيء ما؟
وهل الضحك هو غاية وجودنا في الحياة، وإذا كان كما تصوره لنا الدراسات العلمية، لماذا نسمع من أجدادنا، لا تضحكوا كثيراً فتبكوا كثيراً؟
أعتقد وربما أكون مخطأ!!
أنَّ هناك طبيعتان للأجسام:
الطبيعة الدنيا منه من الطبيعة النواسية للعالم (ثنائية تعتمد على الشئ وضدة في تكوين أدراكها)، بينما طبيعة الأجسام العليا (الروحانية) ذات طبيعة أحدية (تستطيع أدراك القيمة المثالية للفكرة دون الحاجة لضدها ليظهرها).
وتصل قمة الوعي الأحدي عند مرحلة الروح فهنا يكون الفرح موازياً للغبطة وموازياً للسعادة، وكل ذلك نابع من الحب كون الروح لا يوجد لها طبيعة إلا الحب، وكون هذه الأحدية فوق مستوياتنا العقلية (العقل التجريبي أو المنطقي)، لذلك لا نستطيع استيعابها إلا بعقل كلي (شامل) لذلك فإن طبيعة الغبطة والحب والسعادة الحقة والفرح العميق أحدية فوق عقولنا الجزئية، نستطيع اعتبارها واحدة فوق جسمنا العقلي مروراً بجسم المحبة فالقدر فالروح.
وعندما يسقط الحب والذي هو السعادة وهو الفرح وهو الغبطة عندما يسقط نوره الأحدي إلى الأجسام الدنيا والتي طبيعتها ثنائية مستقطبة مثل طبيعة عالمنا الحسي الذي نسكن به الآن في هذا الزمان وهذا المكان في الكون المتوسع أبداً.
فإن الصفات الأحدية تنقسم إلى ثنائية لتنسجم مع طبيعة العالم البندولية،فلذلك يصبح الحب له ظل الحب، ويصبح الفرح له ظل الفرح،وهكذا تتثنَّى الصفات الأحدية في عالم الثنائية، فلا نشعر حقيقة الشعور بأجسامنا الدنيا في هذا العالم الدنيّ الفاني «والتي هي الجسم العقلي الأدنى والجسم العاطفي والجسم الأثيري والجسم المادي».
لا نشعر بواسطتها بالصفات النفسية على حقيقتها وطبيعتها وبساطتها وأحديتها، بل نشعر بها بشكل متناقض، أي نرى الشيء وظله،فيصبح الحب له شروط ويخضع لمعايير عقلية معينة ويتشكل له نقيض في الجسم العاطفي متولدٌ عنه مثلما يتولد في هذا العالم إبليس من آدم، أو الظلمة من النور.
صحيح كله من الأحدية ومن الحب أتى ولكن طبيعة العالم الذي نسكنه تُوهم علينا النظر، وتجعلنا نفكر بالمتناقضين وبالضدين، ويصبح شرط العودة الوحيد لنا هو إعادة توحيد النظر وجمع متفرقات الصور، لنتعرف على المصور المبدع معرفة انسجام وتناغم وإلهام لا معرفة كتب وشرائع وقوانين وفروض.
كذلك الفرح يسقط من برجه الأحادي من عالمه الأحادي في ما وراء حدود العقل الجزئي، ليصبح له ظل، ويصبح تأرجحنا مع ظله كما تتأرجح القشة على موج البحر، فنفرح ونحزن لكوننا أصبحنا نفكر ونشعر بشكل ثنائي لأننا ظهرنا إلى مسرح الحياة الظاهر، أو إلى سطح موج البحر وتركنا عمق أحدية المحيط فأصبحت الغبطة الكامنة في العمق بأحديتها، ذات طبيعة ثنائية وهمية بسطحيتها.
(وهذه هي حقيقة إسقاط قصة آدم وحواء وشجرة المعرفة بالمعنى الفلسفي العميق لها فمعرفة آدم وآدراكه لذاته منفصلا عن الله هي الخطيئة لأنه اصبح يرى بشكل ثنائي، سأذكر ذلك بمقال آخر لأنه ليس موضوعنا الآن) وأعود معكم فأتابع:
صحيح أنَّ الفرح والحزن والسعادة والألم قد أصبحتا وجهان لعملة واحدة، ولكنَّ خداعنا بسبب انغماسنا في ثنائية العالم هو ما جعلنا نفرح للفرح المشروط.
ونحزن للحزن المشروط.
لا يوجد حقيقة في هذا الوجود ما هو مفرحٌ لشرط ما محزنٌ لنفي الشرط نفسه عنه.
ولا يوجد شيء ما يستدعينا أن نحبه أو نصبح سعداء لكونه تحقق لنا، وإذا لم يتحقق لنا فنصبح تعساء، لماذا؟
لأنه بعمق الوجود الظاهر الذي يظهر إلى عين الناظر لا يوجد إلا المبدع الواحد الأحد القاهر فوق عباده، والذي هو الجمال الكامن خلف الأشياء، وهو الحب الواحد المغذِّي لكل الصور.
فكيف لعقل عاقل أنْ يُخدع بوهم النظر ليتوهم أنَّ هذا مفرح وذاك محزنٌ، وأن هذا حبيب وذاك عدو.
وإنَّ ذاك أحسن إليَّ وذاك أساء لي، إنه يظن ذلك لأنه يُعرِّف نفسه من خلال أجسام دنيا طبيعتها ثنائية فتعكس له صراع الأضداد.
أما حقيقته فليست كما يظن، فحقيقته أحدية بسعادة مطلقة وحب أزلي وفرح أبدي وأوقيانوس غبطة لا متناهية.
وما يظهر أمامه من ويلات وتأوهات وصراع في الحياة، ليس إلا من وهم النظر ومن قلة بعد وعمق النظر.
«فاعتبروا يا أولي الألباب»