كيف خلقنا الآلهة والأديان 1-2
لا شك أن الإنسان البدائي الذي كان يعيش في الكهوف وتحيط به الغابات المليئة بالحيوانات المفترسة كان يخشى أشياء كثيرة أهمها الظلام والموت. فعندما تغيب الشمس ويكتنفه الليل كان يخشى أن يفترسه أسد أو نمر، خاصةً قبل اكتشاف النار. ولذلك كان القمر في الليالي المقمرة، يمثل له حارساً يمكنه من رؤية الحيوانات المفترسه، ويسمح له في نفس الوقت بالجلوس مع أهله في حلقة لتبادل السمر في جوٍ باردٍ مريح بعد أن تغيب الشمس الحارقة في موطن الإنسان الأول -إفريقيا. ولهذا أصبح القمرُ محبباً إليه، فجعله إلهاً يتوسل إليه ويطلب منه ألا يغيب عنه، رغم أن القمر أصغر من الشمس ولا يطلع عليه كل ليلة، كما تفعل الشمس كل يوم، ولكنه مع ذلك يبدد الظلام فيساعد الإنسان على البقاء حياً. وحتى بعد أن هاجر الإنسان البدائي شمالاً إلى آسيا وأوربا، ظل يعبد القمر ويرمز به إلى الجمال، خاصةً عندما يتحدث عن الأنثى.
وفي منطقة ما بين النهرين حيث بدأ تكوين المدن والمجتمعات البشرية، كان الإله "سن" Sin إله القمر، أو "نانا" Nanna كما كان يُعرف في مدينة أور، من أهم الآلهة. وكانوا يرمزون له بثور له قرون كبيرة، وفي النصف الثاني من الشهر عندما ينحدر القمر ويضمحل، كانوا يرمزون له بشيخ كبير له لحية بيضاء، ينفذ بحكمته قرارات الآلهة، وهو المسؤول عن تعيين الملوك، ومنحهم التاج والصولجان. وكانت له زوجة اسمها "بنجال" أي السيدة العظمى، وقد ولدت له السيدة بنجال "شمس" إله الشمس، وعشتار، ربة الزهرة (سليمان مظهر، قصة الديانات، مكتبة مدبولي، 2002، ص 75).
وفي اليمن، منشأ العرب العاربة، كان "المقة" هو إله القمر، الذي كانوا يجلسون في ضوئه في الليالي المقمرة ليقصوا القصص ويتسامروا. وعندما هاجر القحطانيون شمالاً، حملوا معهم إله القمر وجعلوا له معبداً في "مقة" التي أصبحت فيما بعد مكة. واستمر إله القمر يُعبد في عدة مجتمعات في إفريقيا وآسيا.
ومع اكتشاف الزراعة في منطقة ما بين النهرين وفي مصر، عرف الإنسان أن الشمس مهمة جداً لنضوج المحاصيل الزراعية وتوفير الطعام له، ومن ثم أصبح "شمس" كبير الآلهة، وخاصةً في مصر، حيث كان اسمه "رع" وكان له قصرٌ منيفٌ في مدينة "هليوبولوس" تصطف تماثيل الأسود عند مدخله ويموج داخله بالكهنة الذين يعلمون الناس كيفية عبادة "رع". يفتح إله الشمس عينيه، فيبزغ الفجر على الوجود، ويهتف الناس والآلهة على ضفاف النيل "تباركت يا رع .. يا خالق السموات والأرض .. يا مرسي الجبال وساقي البحار .. يا رسول الفرح والحرارة والضوء إلى أرض السلام". ومن الشرق تبدأ دورة الإله كل يوم، لتنتهي بعد ذلك في الغرب، حيث يختفي موكب رع في ظلمات الأفق، فتظلم الأرض، وتضيء ظلمات العالم السفلي ... إقليم الجحيم الرابض في الأعماق. وهناك يستمر موكب الإله على صفحة نهر كبير، يخترق وادياً يتفرع إلى اثني عشر فرعاً، تفصل كل واحد منها عن الآخر جدران هائلة ذات أبواب ضخام (نفس المصدر، ص 28). ونلاحظ هنا أن النهر ينقسم إلى اثني عشر وادياً، وهي عدد أشهر السنة، وقد أصبح هذا العدد مهماً في اليهودية حيث انقسمت القبائل العبرية إلى اثنتي عشرة قبيلة، وفي الإسلام فيما بعد، حيث ضرب موسى بعصاه الحجر فانبجست منه اثنتي عشرة عيناً، وأصبح لمحمد اثناعشر نقيباً لجيشه. وكان الناس، كل الناس في مصر، يسجدون لرب النور كل صباح (ومن هنا جاءت صلاة الفجر في اليهودية والإسلام).
وظل "شمس" كبير الآلهة في مصر، ولكن اسمه وشكله تغير مع تغير الممالك. ففي ممفيس كان اسمه "حورس" ويمثله إنسان برأس صقر. ثم أصبح آمون، وكان يمثله جسم إنسان برأس كبش. وحتى عندما جاء الفرعون أمنحوتب الرابع ودعا إلى الوحدانية، كان إلهه الواحد هو الشمس، الذي سماه "أتون" ورمز له بقرص الشمس وأشعتها الذهبية، وغيّر هو اسمه من أمنحوتب إلى أخناتون. وانتشرت عبادة إله الشمس إلى عدة مجتمعات بشرية في آسيا وأوربا.
ولما كان الإنسان البدائي يخاف كذلك من الموت، ولا يعرف له تفسيراً مفيداً، ولا يعرف لماذا يموت الإنسان بعد حياة وجيزة لا تتعدى الثلاثين أو الأربعين سنة، تخيل أن حياته هذه ما هي إلا رحلة وجيزة إلى عالم آخر سوف يعيش فيه إلى الأبد. وكان في البدء، يعتقد أن حياته الثانية في ذلك العالم المجهول سوف تكون مثل حياته هذه، ولذلك بدأ يدفن الملوك بعد تحنيطهم، في قبور كبيرة بها جميع أنواع الطعام، والأثاث وحتى الخدم الذين كانوا يضحون بهم عندما يموت الملك. وكانوا يزودون الميت بتعاويذ مأخوذة من كتاب "الموتى" الديني، كي تساعدهم في استئناف حياة سعيدة في العالم الآخر. وببداية العام 3400 قبل الميلاد أصبحت المقابر الضخمة المزخرفة بالرسوم والمليئة بكل أنواع الطعام والشراب، شيئاً اعتيادياً بالنسبة للموتى الأغنياء
Jealous Gods & Chosen People, David Leeming, Oxford University Press, 2004, p 10))
وبالطبع استفاد الكهنة من هذه الطقوس استفادة مادية، وكلما زاد لهم أهل الميت في العطاء، زادوا هم في التعاويذ التي يدفنونها مع الميت. وقد بلغ الكهنة شأواً كبيراً في الغنى والسلطة والنفوذ بحيث أصبح بيدهم التحكم في كل شيء من ثروة البلاد وسياستها (قصة الديانات، ص 47). وانتشرت طبقة الكهنة المسيطرين على الأحياء من وراء خدمة الأموات في آسيا وأوربا منذ ذلك الوقت الممعن في القدم. وما زال وعاظ السلاطين هم المستفيد الأوائل من الأديان وقد تشعبت تجارتهم لتشمل الفتاوى التي تحدد للناس كيف يعزفون عن الحياة الدنيا كي يستمتعوا بالحياة القادمة.
وقد عرف قدماء المصريين أن بعض الناس في هذه الحياة خيرّون وبعضهم مجرمون، فكان لا بد لهم ان يحاسبوا على أعمالهم في الآخرة، فتخيلوا قاعة ضخمة هي محكمة الآخرة، التي في وسطها ميزان توزن فيه الحسنات والسيئات، ويستجوب الإله أنوبيس الموتى. فمن رجحت حسناته، قاده الآلهة المحيطون بأنوبيس إلى جنة الأموات الصالحين حيث يستمتع بالسعادة الدائمة، وأما من رجحت مساوئه ، فإنه يُسلم إلى الإلهة "معات" كلبة سيد الأمنت "الدار الآخرة" لتفترسه (قصة الديانات، ص 46). وهكذا أصبح الخوف من تلك الكلبة هو الوازع للإنسان لطاعة الكهنة وفعل كل ما يرضي الإله. فالأديان منذ الأزل اعتمدت على عامل التخويف من العذاب ولم تعتمد على وازع الضمير.
حياة الاستقرار الزراعي قادت الإنسان في العصر الحجري لأن يفكر في كيفية خروج الغلال من الزرع الأخضر، وبالتالي كيفية تكوين الطفل في بطن أمه، ثم كيفية وجود العالم نفسه. وبذا بدأت ميثولوجيا قصة الخلق. بالنسبة لقدماء المصريين فإن إله الشمس "رع" عندما كبر وتعب، اعتلى ظهر البقرة الإلهية " نوت" التي هي ابنته، فارتفعت أكثر وتقوست حتى أصبحت كالقبة. غير أن نوت لم تستطع أن تصمد طويلاً، وكادت تنهار تحت ثقل رع، فخارت قواها ووهنت قوائمها، ولم تجد بداً من طلب العون، عندئذٍ قال رع: "يا ولدي شو! ضع نفسك تحت ابنتي نوت وآزرها في حملي، واجعلها تستند على ذراعيك القويتين من الجانبين." وأطاع شو وسلمت نوت من السقوط، وامتد بطنها حتى صار قبةً زرقاء صارت هي نفسها فيما بعد السماء، وراح رع ينشر على صفحتها النجوم لتنير الليل.
أما في مملكة ممفيس التي أتت بعد زوال مملكة هليوبوليس، كان الإله " بتاح" هو خالق السماء والأرض والبشر وكل الأشياء. وقال كهنته إنه خلق الأشياء كلها بأن فكر فيها قلبه ثم نطق بها لسانه، أي بصورة أخرى، فقد نشأ الكون أول الأمر صورة في ذهن الإله بتاح، ثم نطق به، فكان. أي قال له كن، فكان.
وفي مملكة طيبة كان الكهنوت يعتقدون أن "آمون" عندما جاء إلى الوجود لم يكن هناك شيء كائن، لهذا كان هو خالق نفسه بنفسه، ثم جاءت الآلهة بعده إلى الوجود. وهو لم يكن له أب أو أم. والإله "رع" كذلك خلق نفسه بنفسه، ففي البدء لم يكن هناك غير محيط أزلي مظلم... هو " نون"، برز منه إله الشمس بقدرةٍ فيه... وكان هو نفسه رع، تماماً كما كان هو نفسه أيضاً الإله المبديء "آتوم" وكانا مقترنين معاً. ثم خلق من نفسه وبطريقة مادية أول زوج من الآلهة، هما "شو" إله الهواء، و " تفنوت" إلهة الندى. ومن هذين وُلد "جِب" Gib إله الأرض و " نوت" إلهة السماء. وكانت الأرض والسماء رتقاً ففتقهما "شو" (قصة الديانات ص 29).
في سومر في الألفية الرابعة قبل الميلاد، كان الإله أنو Anu هو الإله الأب الذي كان هو السماء، وقد انفصل منذ البدء عن لصيقه "يوراس" أو "كاي"، الذي هو الأرض، وبهذا الانفصال قد أفسح مجالاً لخلق الكون. وقد كان آنو عجلاً كبيراً خواره الرعد، ومنيه الذي يتدفق دائماً هو المطر الذي يخصّب به الأرض "كاي". وفي بعض المدن السومرية كانوا يعتقدون أن الإلهة أنتو Antuهي السماء وأن حليبها الذي ينزل من ضرع السحاب، هو المطر الذي يخصّب الأرض (Jealous Gods & Chosen People, p 38). وفي الميثولوجيا البابلية كانوا يعتقدون أن الإله أنو كان ابن الإله أنشار والإلهة كنشار.
كان الإله آنو أهم إله في أوروك بالنسبة للميثولوجيا السومرية، لكنه فقد بعض أهميته مع مرور الزمن للآلهة الجدد أمثال مردوك، وإنليل والإلهة أنانا "عشتار". يقول صمويل كريمر في كتابه "الميثولوجيا السومرية" إن الكون كان يُعرف ب "أنكي" an-kiوهذه الكلمة تتكون من "آن" وتعني السماء، و "كي" وتعني الأرض. وقد ظهر هذا الكون في شكل جبل من الماء الأزلي تحت الإلهة نامو Nammu. فالأرض والسماء كانتا جسماً واحداً، وكان لا بد لهما من الانفصال حتى يخلقا مجالاً لبقية الخلق. وعليه فقد رفع إله السماء "آن" نفسه إلى أعلى، بينما أنزل الإله "إنليل" إله الهواء، أمه الأرض إلى أسفل، وبذا ترك فضاءً لبقية الخلق. ثم تكاثر الآلهة الذين كانوا يفلحون الأرض. وقد صعب عليهم هذا العمل، خاصة على الإله إنكي Enki ابن "نامو" كبيرة الآلهة. وقد كان إنكي يحب النوم، فاقترحت عليه أمه أن يخلق بشراً يفلحون الأرض نيابةً عنه وعن بقية الآلهة. ولكن أنكي الكسلان طلب من أمه أن تأخذ بعض الطين من الأرض التي كان ينام عليها، وتصنع منه أشكالاً بشرية، وبذا خلقت نامو البشر الذين أصبحوا يعملون بالزراعة بدل الآلهة (Kramer, Samuel Noah, Sumerian Mythology, New York, 1961, p41).
قصة الخلق السومرية تقول إن العالم لم يكن شيئاً وكل ما كان هناك هو "إبسو" المحيط الأزلي، و "تيمات" المياه المالحة. ومع مرور الزمن اختلط الماء بالفضاء، ومن اختلاطهما خرجت أشياء أخذت تنمو وتتخذ لها أشكالاً عديدة. ثم ظلت ترتفع حتى استقرت في أعلى وكان منها كل آلهة النور. وأطلت "تيمات" إلى المخلوقات الجديدة، وهالها ما رأت، فهم لا يريدون غير النور، وهي تهوى الظلام. وقررت تيمات أن تتخلص منهم وأن تشن عليهم حرباً لا هوادة فيها. وظلت تيمات تعمل بلا انقطاع، ومن جوفها جاءت الوحوش المفترسة وانطلقت الثعابين ذات السم وخرجت الكلاب والعقارب. كل هذه الحيوانات كانت تتحرك تحت إمرة الوحش "كنجو" العملاق الذي وعدته تيمات بالزواج إذا تغلب على آلهة النور وقد ملأ الخوف آلهة النور وحاولوا الصلح مع تيمات.
وفي قصة الخلق البابلية تجلت مقدرة الكهنة في "الانيوما أليش" Enuma Elish التي وُجدت مدونة على أقراص طينية في مكتبة نينوى، ويرجع تاريخها إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، وفي هذه الميثولوجيا البابلية انتهى دور الإلهة الانثى واهبة الخصب، وحل مكانها الإله "مردوك " Murduk في أيام نبوخذنصر الأول. استطاع مردوك أن يقتل "تيمات" الشريرة، وشق جسدها إلى شقين، رفع أحدهما ليكون السماء، وخفض الآخر ليكون الأرض. وعندما رفع مردوك السماء نثر على صفحتها الكواكب. ثم قسم السنة إلى شهور وجعل لكل شهر ثلاثة كواكب. كما جعل لإله القمر حكم الليل وإضاءته، ومنحه كل شهر يوماً يستريح فيه. وقدر مردوك أن الآلهة كانت في حاجة إلى من يصلي لها ويعبدها، فانحنى مردوك على الأرض وشرع يعجن التراب بدمائه ويصنع من الطين ناساً تقوم على خدمة الآلهة والصلاة لهم. وهكذا خُلقت البشرية. قارن سبب خلق البشر هنا مع سببه في القرآن (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدونِ)
وجاء حمورابي (1792-1750 قبل الميلاد) ووسع مملكته شمالاً وجنوباً إلى أعالي نهر دجلة، وضم بلاد الآشوريين إليها ووصل إلى الخليج الفارسي. وجعل حمورابي "مردوك" إله مملكته الواسعة واستخرج من تعاليم تلك الفلسفة الميثولوجية قوانيناً كتبها على حجر كبير في وسط بابل كي يطلع عليها كل إنسان. وما زالت قوانين حمورابي تلك تتفوق على قوانين الأديان الإبراهيمية التي أتت بعدها.
وفي الهند، في حوالي العام 560 قبل الميلاد، حلمت الملكة "مايا" بأن أربعةً من الملائكة في ثيابٍ بيض يتقدمون منها ويحملونها بكل محتويات حجرتها ويطيرون بها إلى أعلى قمة في جبال الهملايا، حيث تقوم شجرة باسقة خضراء، ويضعونها تحت ظلها. ولا تكاد الملكة تطل حولها حتى تقترب منها أربع ملكات يدخلنها الحمام ويلبسنها ثياباً جميلة ويعطرنها بعطور رائعة، ثم يحملنها إلى منزل آخر مصنوع من الفضة، وتضعها الملكات على فراش مقدس، وهناك يهبط فيل أبيض من فوق جبل ذهبي ويتقدم منها، وفي خرطومه غصن من نبات البشنين، ويمس الفيل جانب الملكة الأيمن ويدخل في رحمها. ويذكرنا هذا الحلم بسدرة المنتهى التي هي في السماء السابعة، كما كانت تلك الشجرة الخضراء الباسقة على قمة جبال الهملايا، وهي أعلى قمة في العالم. والفيل الأبيض يمثل قصة مريم في القرآن عندما أرسل الله لها روحه فتمثلت لها بشراً سوياً، ونفخ في فرجها، فأدخل عيسى في رحمها، كما دخل الفيل في رحم الملكة. ولكن الميثولوجيا الهندية كانت أكثر تهذيبا، إذ أدخلت الفيل من جنب الملكة، وليس من فرجها.
وجاء حكماء المملكة ليفسروا للملك ذلك الحلم الغريب، وبشروا الملك بأن الملكة سوف تلد غلاماً إما أن يصبح ملكاً أو يهيم على وجهه في الأرض ويصبح البوذا الذي يكشف نقاب الجهل عن هذا العالم. وفعلاً حملت الملكة وعندما جاءها المخاض جلست تحت شجرة، بعد أن حجبها الخدم بستار خاص، ولما أرادت النهوض مدت يدها إلى غصن الشجرة فانحنى من تلقاء نفسه حتى قارب كفها. ولم تكد تنهض حتى كان تحتها طفل تلقفته أيدي أربعة من البراهمة، فوقف المولود فجأة، وتقدم إلى الأمام سبع خطوات، ثم صاح في صوت عذب: أنا سيد هذا العالم وهذه الحياة هي آخر حياة لي (قصة الديانات، ص 100). ومع الأيام وصل الأمير سيدهاتا جاوتاما مرتبة "البوذا" أي المستنير، وأصبحت الليلة التي وصل فيها إلى تلك المرتبة تُعرف بالليلة المباركة، والشجرة التي كان يجلس تحتها أصبحت تُعرف يشجرة "البو" أي الشجرة المقدسة. وأوصى بوذا أتباعه باتباع الطريق ذي الثمان شعب:
الإيمان بالحق، وهو الإيمان بأن الحقيقة هي الهادي للإنسان
القرار الحق، بأن يكون المرء هادئاً دائماً لا يفعل إذًى بأي مخلوق
الكلام الحق، بالبعد عن الكذب والنميمة وعدم استخدام اللفظ المشين
السلوك الحق، بعدم السرقة والقتل وفعل شيء يأسف له المرء فيما بعد
العمل الحق، بالبعد عن العمل السيء مثل التزييف وتناول السلع المسروقة وعدم أخذ المرء ما ليس له
الجهد الحق، بالسعي دائماً إلى كل ما هو خير والابتعاد عما هو شر
التأمل الحق، بالهدوء دائماً وعدم الاستسلام للفرح أو الحزن
التركيز الحق، وهذا لا يكون إلا باتباع القواعد السابقة وبلوغ المرء مرحلة السلام الكامل.
هذا ما كان من قصة خلق العالم وخلق الآلهة منذ أيام الإنسان في العصر الحجري، حتى ظهور بوذا في منتصف الألفية الأولى قبل الميلاد. فالوصايا التي أتى بها بوذا هي نفس الوصايا العشر التي أتى بها موسى. فهل أتت الأديان الإبراهيمية أو "السماوية" بقصص أو أخلاقيات تزيد عما أتى به إنسان العصر الحجري من خيال ومُثل تحكم عالمه البدائي؟ سوف نرى في الحلقة القادمة
بقلم : كامل النجار
2010 / 6 / 11