الحرية الجنسية وجدل.. هل ينتهي؟
صابرين عبد العزيز
دفعني ما لمست من سوء تفاهم عميق الجذور، وفجوة كبيرة في تناول فكرة الحرية الجنسية بين مؤيد ومعارض لكتابة هذا المقال،، علني اسهم ولو بشكل بسيط في حل تلك الجدلية الأزلية بين العصر الحديث والعصور الوسطى.
الحرية الفردية بمفهومها العام
اذا ما تناولنا حرية الفرد بشكل عام فهي ببساطة الا اتعدى على حقك في الاختيار والفعل مادام لا يعود على بالضرر الشخصي، والا تعترض طريقا اسلكه مادمت لا افرضه عليك!!
هذا المفهوم من المفترض ان يشمل ويعم جميع مناحي حياتنا بلا اي استثناءات- ولا سيما المنحى الجنسي كحق اولي وحاجة اساسية في حياة البشر- اذا كانت لدينا النية فعلا ان تقوم لنا قائمة ونأخذ مكانا في مصاف التحضر والتمدن.
الحرية الجنسية
تنبثق الحرية الجنسية من الحرية بمفهومها العام كحق فطري كفلته الطبيعة للبشر في التصرف في اجسادهم دون ان يعتدي احد عليهم او يعترض طريقهم ... ومع ذلك يصاب الكثيرين بالذعر اذا ما طالبنا بهذا الحق ظنا منهم انه اذا ما عممت الحرية الجنسية فأنه بالضرورة ستُنتزع عنهم ملابسهم لممارسة الجنس بلا زواج عنوة!!!!
لا ينتبه احد انني حينما اطالب بحريتي الجنسية فإنما اطالب بأبسط حقوقي في الاختيار...
ـ فقد اختار الا امارس الحب الا من خلال مؤسسة الزواج الاجتماعية لمزاعم دينية او اختيارات نفسية فردية، فإني اختار ذلك انطلاقا من حريتي في الاختيار ليس اجبارا من مجتمع و لا قمعا من مؤسسات او افراد.
فالقمع والاجبار لا يؤديان الا الى اختيارات ممسوخة مشوهة نابعة من كبت وقهر لا عن ارادة حرة واختيار مسؤول ، وبالتالي لا هي مؤشر اخلاقي ولا حتى هي علامة على "العفاف" بمفهومه العربي القاصر!
ـ وقد أرى كما يرى المنطق والعلم بفروعه النفسية والطبية والاجتماعية ان تأخر سن الزواج + الكبت الجنسي اذا ما اجتمعا يؤديان حتما الى كارثة على جميع المناحي تؤدي بدورها الى تفشي العنف السلوكي و تقليل انتاجية الفرد وانعدام الجودة.
ـ واذا كانت وجهة نظري الشخصية ان ممارسة الحب هي مشاعر قد تنفصل عن مؤسسة الزواج الاجتماعية في مرحلة ما في حياتي لست على استعداد مادي ونفسي فيها لزواج، فأنه اختياري و من المفترض ان يكون لي مطلق الحرية في اختيار مفاهيمي الخاصة واسلوب حياتي بشكل متفرد بعيدا عن المجتمعات المنغلقة التي تنظر للجنس خارج اطار المؤسسة الاجتماعية الزواجية على انه دنس وذنب كبير وعمل لا اخلاقي،، هؤلاء لهم الحق في تبني ما شاؤوا من افكار ،انت "حر" ،افراد عائلتك امامك فلتربيهم على ماشئت من مفاهيم بعيدا عن حرية غيرك في اعتناق ما يشاء من مفاهيم هو الآخر.
خفافيش الظلام والحرية الجنسية
كلمة حرية جنسية= دعارة!
حرية جنسية = انحلال اخلاقي!
حرية جنسية = زنا محارم!
حرية جنسية= خيانة زوجية!
هذه المفاهيم المعوجة المقززة- التي ليس لها وجود( كتفسير لكلمة حرية ) الا في عالمنا العربي المنفصل عن الواقع المتقدم المستنير شكلا وموضوعا- جذورها ترجع الى الكبت في الاساس! فحتما المتشدقون بهكذا تفاسير لكلمة حرية، هم اناس لم يروا يوما نورا واذا ما اخذوا حريتهم لن يختاروا الا فجورا وشذوذا اخلاقيا لا تتزايد نسب حدوثه حقا الا في مجتمعاتنا المنغلقة التي تدعي انها الاكثر تدينا ومحافظة ، واذا لم يأخذوها فهم حتما يجدوا طريقهم الى الانحلال الخلقي بشكل او بآخر بعيدا عن النور.
اننا بالحديث عن الحرية الجنسية مقارنة بالكبت والقمع المجتمعي الجنسي فكأنما نقارن النور بالظلام، ايهما البيئة الاكثر دعما للانحلال والانحراف، هل هي البيئة المعتمة ام البيئة الواضحة النيرة التي يشعر افرادها بمسؤولية تسليط الضوء عليهم
ان واقع الحال يخبرنا بان الافراد الاكثر دفاعا عن الكبت ومشروعيته هم الاقل التزاما بما يدعون وهم الابشع خُلقا في العموم.
بين النمطية والتفرد قرون
من غير المعقول والعالم من حولنا ينتج ويبني ويخترع مطلقا العنان لأفراده ليتفردون ويبدعون فتتقدم مجتمعاتهم ،،ان نظل نحن ندس انوفنا في افعال غيرنا وان نعطي انفسنا الحق بأن نحكم بعض ونحكم على بعض ظنا عن جهل ان الطريق الصح واحد احد، وان الطريق الخطأ هو حتما اي طريق مختلف عن طريقنا الذي نراه صحيحا
من حق كل انسان ان يختار ما يتناسب وظروفه ومشاعره ومفاهيمه الخاصة بارادته الحرة، واذا ما تنازل احدهم عن حقه وسمح لغيره بان يمتلك جسده وارادته فهو ايضا حر!! ولكن من الجرم ان يجبر غيره على التنازل.