(1)
كانا في شهر العسل ، وفي شرفة بهيجة ، والنسيم يداعب القلوب وينعش النفوس:
فقالت له : حبيبي..ناولني منديلا من العلبة..(فقد كانت بعيدة عنها)
فغضب وفار وتفجر : أترسلني وأنا رجل ؟!!!
(2)
وعدها ليلة بعشاء لذيذ في مطعم رفيع
وخبأ لها عقدا باهظ الثمن ليقدمه لها هناك
فمازالا في الشهور الأولى من زواجهما
أنا أحبها ويجب أن أسعدها ( قال ذلك لنفسه )
لكنه تفاجأ بهروبها من المنزل والتجائها إلى بيت أهلها
لا لسبب ..
ولكن تنفيذا لوصية أمها :
(تظاهري بالغضب ثم أملي شروطا جديدة عليه حتى تقوديه قبل أن يقودك وتعسفيه قبل أن يعسفك)
(3)
في صدر زواجهما وتحت سقف بيتهما
تذكر هو وصايا أمه وأخواته :
( حاول أن تتنقص شكلها ومظهرها حتى لا تغتر )
( احذر أن تساعدها في البيت فتسقط هيبتك )
( كن غامضا ولا تطلعها على دخولك وخروجك )
( اعلم أن النساء همهن أنفسهن..والزوج يأتي في ذيل القائمة )
وتذكرت هي وصايا أمها وأخواتها :
( بددي ماله وأبيحيه حتى يعض التراب ولا يفكر بغيرك)
( أبعديه عن أهله وأصدقائه حتى لا يوقعوا بينكم )
( لا تتعبي نفسك في خدمته حتى لا يستغلك )
( اجعليه يعتاد خدمتك وخدمة أهلك )
(4)
صدم في الليلة الأولى ..
كان يظنها كصورة الفنانة التي عشقها ..
صدم في شهر العسل..
كان يظنها كاملة لا تدخل الحمام..
صدم في الشهر الأول..
كان يظنها لا تخطيء ولا يتعكر مزاجها..
هكذا يتصرف من أخذ علم الزوجية وفنها من أفواه الأصاحيب والخلان ، ومن وصايا الأهل والعشيرة ، ومن سموم الفنانين والهابطين.
وهذا ما يجنيه من يثق بالثقافة الشعبية الطافحة بالمفاهيم المغلوطة ، والحقائق المشوهة ، والمعلومات المنحرفة!
وهذا ما يلقاه من يعرض عن الوحيين المشرقين وعن حكمة الصالحين العارفين الحاذقين..مستبدلا الحقير بالشريف والوضيع بالرفيع!
فيشيد مصيره على قواعد هشة ، وينصب مستقبله على أمواج هائجة ، فلا يجد نفسه إلا هباءة تذروها رياح الهم والتشرد.
يدفع أكثر الناس فلذات أكبادهم إلى الهاوية ، ويغرسون في عقولهم قواعد حربية ثائرة ، ويدحرجونهم في مجاهل مظلمة ، مخالفين طبائع الأشياء ، وفطرة الله ،
وهكذا يصنع الجهل.
إن أتيتما أيها القرينان بيت الزوجية تحملان هذه الخلفيات المزورة ، فاعلما أنكما انتقلتما من رمضاء محرقة إلى نار حاطمة ، أفنت العزوبة شرخ صحتكما
وميعة حياتكما ، و سكبت على رأسكما صباح مساء مثيرات لا قبل للشيخ الهِم بها ، ثم تنشغلان عن الاستمتاع والسعادة والهناء...بمعركة وهمية ، واقتتال خيالي
، وعداوة صناعية!
فاستأصلا أوهامكما ..وانبذاها من أقرب نافذة بجواركما.
فلا ثأر بين الرجل و ، ولم يخلق أحدهما ليقتص من الآخر ويشفي غليله ويلتقط كرامته وكرامة أمته..!
والفضل بين الرجل و ظاهر ، فالرجل ترممه و يرممها الرجل ، فهما لبعضهما لباس وأنس وسكن..
لن تجد أيها الرجل وإن نقبتْ الأرض والفضاء إلا امرأة مختلفة عنك ببنيتها وطبيعتها واهتماماتها وأنتِ كذلك أيتها ..لكن أكثر الخلق لا يفقهون أن هذا الاختلاف
بينكما هو سبب تكاملكما وسعادتكما ونعيمكما..
أعلم أن الأسباب عديدة ،وأن التنغيص بين الزوجين تؤزه قنوات أخرى ،لكن صناعة الأوهام وتأجير العقول وتأثير الثقافة المغلوطة سبب يحق لنا أن نلتفت إليه
ونعمل على تطبيبه حتى تبرد بيوت المؤمنين!