من يريدني أن أكون عبداً لا يستحق أن يكون سيداً أحترمه ولا حتى إلهاّ أجلّه.
كثيراً ما ارتبطت كلمة عبدٍ بالذل والهوان والدونية والطاعة العمياء والجهل، وكثيراً ما اختلطت كلمة العبادة بالعبودية نظراً لأنها من ذات الجذر في اللغة العربية ولكن شتّان الفرق.
ودائماً أتساءل لماذا يريدني عبداً من أوجدني حراً؟
وهل هو من يريدني كذلك أم أنّ أولائك الذين لا يرون في أنفسهم أكثر من عبيدٍ يريدوننا أن نكون مثلهم ليكونوا هم سادةً فينا؟
فإن السيد الحر لا يصنع إلاّ أحراراً، وأما من يصنع عبيداً فهو ليس إلاّ متسلطاً، والمتسلط لا يستحق الإحترام، ومن لا يستحق الإحترام فهو غير جديرٍ بأن يكون سيداً. فالسيادة لا تُصنع بامتلاك العبيد لكنها تكون حيث الحرية والكرامة، فالإله الحقيقي لا يصنع عبيداً لكنه يأتي بأبناءٍ أحرارٍ ومعاً يعيشون الحرية.
فسيّد الأحرار هو سيّد الأسيّاد.
وملك الأحرار هو ملك الملوك.
ورب الأحرار هو رب الأرباب.
أما سيد العبيد فهو ليس إلاّ إلهاً صنعه هؤلاء العبيد ليستعبدوا الأحرار باسمه علّهم يصيرون أسياداً يحركون الآخرين من أجل إشباع رغباتهم وتحقيق مطامعهم.
إن كل من يرى في نفسه عبداً يؤكد أن ما بينه وبين إلهه هي علاقة استعباد قائمة على الخوف والجهل والإنقياد الأعمى، وإن كان أعمى يقود أعمى فإن كلاهما سيقعان في حفرة. أما من يرى نفسه حراً فهو يؤكد أنّ إلهه ليس سيداً لعبيدٍ أو لعبادٍ لكنه أبٌ لأبناءٍ أنجبهم وأحبّهم وأرادهم أحراراً فكانوا كما هو كائن وكما أراد لهم أن يكونوا.
حيث الجور والظلم والذل هناك إله العبيد... أما إله الأحرار ستجده هناك حيث النور والإبداع والقلوب المحبّة.
فالأحرار مع إلههم يفكرون ويتحاورون ويخططون ومعاً ينفذون، أما السيد مع عبيده فهو يفكر ويخطط ويتسلط ويأمر وهم فقط ينفذون وينفذون، بفهمٍ أو بدون فهمٍ لا يهم لأن المهم هو أنّ لسان حالهم حاضر حاضر أيها السيد.